أطفال ليبيا .. توقفت الحرب.. وظلت أثارها عليهم

فيحاء العاقب – طرابلس 

في أحد الأحياء القريبة جدا من المنطقة التي درات بها الإشتباكات، بمدينة الزاوية الليبية، يسكن “نوفل”. وجدته يلعب أمام بابه، رفقة عدد من أقرانه، لم تبدو عليه أي علامات لمرض أوتوعك، بل بدا لي بكامل صحته وعافيته.
“نوفل” طفل عمره 10 سنوات، اخترنا له هذا الأسم بدلا عن أسمه الحقيقي، لغرض عدم كشف هويته. الإشتباكات وصوت الإنفجارات القوية، تسبب له بحالة من الهلع والخوف، عندما كان في الرابعة من عمره، جعلته يحتضن من يجده بجانبه من أفراد اسرته بقوة شديدة. يستيقظ من نومه في بعض الأوقات، ويصرخ بصوت عال، مستنجدا بأهله، ولا يهدأ إلا بعد جهد جهيد.

لم يتوقف الحال عند هذا الحد، بل أنه تطور ليجدوه في احيان اخرى ملقا على الأرض فاقدا للوعي.
جاء ذلك إثر الاشتباكات التي دارت رحاها، على مقربة من بيت”نوفل”. فكانت أصوات التفجيرات والرصاص المتواصلة تسمع بشكل واضح.

إعتقد أهله في بادئ الأمر أنه مصاب بالصرع، وبدأوا بعرضه على الأطباء، في عدد من المصحات داخل ليبيا. ولكن لم يتمكن أي طبيب من تشخيص الحالة، مما أحدث تخبطا في أشكال العلاج.

يقول الشقيق الأكبر لـنوفل: “لم نترك بابا ألا طرقناه طلبا للعلاج، اتجهنا للطب البديل، والعلاج
الروحاني، وكل ذلك لم يثمر”
بعد أن شعر اهل”نوفل” بخيبة الأمل، قرر والداه استكمال العلاج بتونس، سافروا جميعا في رحلة علاج لا يعرفون نتائجها. وبحسب شقيقه فقد كان اليأس قد تسرب إليهم خاصة في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادهم، وعدم الإستقرار السياسي والأمني في 2014.

شخص الأطباء في تونس الحالة عل أنها شحنات كهربائية زائدة في الرأس، نتيجة التوتر والخوف الذي تعرض له الصبي، ووصفوا له علاجاً خاصاً بالأعصاب. لم يكن “نوفل” قبل العلاج يخالط الأطفال، ولا يلعب معهم، بل كان كثير الإنزواء، يحرص على الجلوس مع الكبار، كأنه يستمد احساس الأمان منهم وفق ما قاله شقيقه.

بعد 6 سنوات، صار حال الصبي أفضل بكثير. ولازال مستمرا في تناول الدواء بمقدار جرعتين يوميا. وفي حال تأخر فإنه يدخل في حالة وصفها أهله بغير الطبيعية. مع مرور الزمن تحسن وضعه، وصار أكثر انصهارا مع أصدقاء من عمره في محيطه.

بالنسبة لتعامله مع المظاهر العسكرية، قال شقيقه “في فترة ما كان يخاف كثيرا من السلاح
وكل من يحمله أو يرتدي ملابس عسكرية، والان صار أكثر سلاسة في التعامل، ولا يهتم لهذه الأمور ويستطرد “معاناة أخي لازالت مستمرة ، ولا نعرف إلى متى!، فهو لا يستطيع أن يقضي يوما دون تناول الدواء”

قالت رئيسة قسم حماية الطفل في منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” في ليبيا “رانيا
شرشر”، عبر تصريحات صحفية ، إن الصراع في ليبيا أثر في نحو 1.8 مليون شخص، بما في ذلك أكثر من 268 ألف طفل، وكان في 2019 قد أصدرت الأمم المتحدة بيانا قالت فيه “أن حوالي 500 ألف تأثروا بالعنف في جميع أنحاء غرب ليبيا”.

 

فيسبوك

إنستاجرام

تويتر

الموقع

اترك تعليقاً

Required fields are marked *

Comment*

Name*

Website